في الآخرة عذاب عظيم جدا بسبب ما ارتكبوا من جريمة هزت أركان المجتمع ، وأدت إلى تعطيل التجارة.
ثم استثنى الله تعالى من العقاب التائبين فقال :
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) أي أن من تاب قبل أن يقع في قبضة السلطة ، أو قبل أن يتمكن الحاكم من القبض عليه ، فيسقط عنه العقاب ، إذا كانت التوبة صادقة خالصة لله عزوجل ، لا تحايلا وتهربا من العقوبة ؛ لأن الهدف قد تحقق وهو ترك الإفساد ومحاربة أولياء الله ورسوله ، بدليل قوله تعالى :
(فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي أن الله غفور لذنوبهم ، رحيم بهم بإسقاط العقوبة عنهم ؛ لأنه لا تهمة حينئذ ، وتكون التوبة نافعة.
وهذه التوبة تسقط ما هو من حقوق الله تعالى فقط وهو الحد ، أما حقوق العباد من القصاص وضمان الأموال فتبقى ، ويكون للأولياء الحق في المطالبة بالقصاص من القاتل ، واسترداد المال المأخوذ ، وولي القتيل مخير بين القصاص والدية والعفو ، ولا تصح التوبة إلا برد الأموال المسلوبة إلى أصحابها ، وإذا أعفاه الحاكم من حق مالي وجب ضمانه من بيت المال (خزانة الدولة). ومن تاب بعد القدرة عليه فظاهر الآية أن التوبة لا تنفع ، وتقام الحدود عليه ؛ لأنه متهم بالكذب في توبته والتصنع فيها إذا نالته يد الإمام.
أما الشرّاب والزناة والسرّاق إذا تابوا وأصلحوا وعرف ذلك منهم ، ثم رفعوا إلى الإمام فلا ينبغي له أن يحدهم ، وإن رفعوا إليه فقالوا : تبنا لم يتركوا ، وهم في هذه الحال كالمحاربين إذا غلبوا.