المناسبة :
بعد أن أبان الله تعالى حسد اليهود ومكرهم وهمّهم الفتك برسول الله صلىاللهعليهوسلم وقتلهم الأنبياء ، وفند ادعاءهم بأنهم أبناء الله وأحباؤه ، أمر المؤمنين بالتقوى والتقرب إليه بصالح الأعمال ، ولا يتكلوا على مثل مزاعم أهل الكتاب ، وهو المقصود الأصلي من مهام القرآن.
التفسير والبيان :
يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بتقواه ، وهي إذا قرنت بطاعته ، كان المراد بها الكف عن المحارم وترك المنهيات.
فيا أيها المؤمنون اتقوا سخط الله وعقابه بامتثال أمره واجتناب نهيه ، واطلبوا إليه القربة التي ينبغي أن يطلب بها ، وهي التي توصلكم إلى مرضاته والقرب منه والظفر بمثوبته في الجنة.
والوسيلة درجة في الجنة ، روى أحمد ومسلم من حديث عبد الله بن عمر أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا ، ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة ، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون هو ، فمن سأل لي الوسيلة ، حلت له الشفاعة» فالوسيلة أعلى منزلة في الجنة : وهي منزلة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وداره في الجنة ، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش.
ولما أمر تعالى المؤمنين بترك المحارم وفعل الطاعات ، أمرهم بقتال الأعداء من الكفار والمشركين الخارجين عن الطريق المستقيم ، والتاركين للدين القويم ، فقال : (وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) والجهاد من الجهد : وهو المشقة والتعب ، وسبيل الله : هي طريق الحق والخير والفضيلة والحرية للأمة ، والجهاد في سبيل الله