يشمل جهاد النفس بكفها عن أهوائها ، وحملها على العدل في جميع الأحوال ، وجهاد الأعداء الذين يقاومون دعوة الإسلام.
ورغبهم الله تعالى بما أعده للمجاهدين في سبيله يوم القيامة من الفلاح والسعادة العظيمة الخالدة ، فقال : (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي إن جاهدتم وتقربتم إلى الله بطاعته ، حققتم الفوز والفلاح وسعادة الدنيا والآخرة ، والمسلم مطالب دائما بالجهاد بمختلف أنواعه ؛ لأن فعل الحسنات وترك السيئات شاق على النفس.
وبعد أن أمر الله المؤمنين بالتقوى وتزكية النفس ، أخبر بما أعده لأعدائه الكفار من العذاب والنكال يوم القيامة ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ..) أي إن الذين جحدوا ربوبية ربهم وجحدوا آياته الدالة على وجوده ووحدانيته ، وكذبوا رسله ، وعبدوا غيره من صنم أو وثن أو عجل أو بشر ، وماتوا على هذه الحال من غير توبة ، لو أن أحدهم جاء يوم القيامة بملء الأرض ذهبا ، بل ومثله أو ضعفه معه ، ليفتدي بذلك من عذاب الله الذي قد أحاط به ، وتيقن وصوله إليه ، ما تقبّل ذلك منه ، بل لا مندوحة عنه ، ولا محيص له ولا مناص ، ولهذا قال : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي موجع مؤلم لهم ، بسبب ما جنته نفوسهم ، كما أن الفلاح والسعادة بسبب الطاعة والاستقامة النابعة من النفس الإنسانية : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) [الشمس ٩١ / ٩ ـ ١٠].
ثم وصف الله تعالى العذاب بأنه دائم وأن أهل النار مقيمون فيها على الدوام : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ ..) أي يتمنون الخروج مما هم فيه من شدة العذاب ، وما هم بخارجين منها ، ولهم عذاب دائم مستمر لا خروج لهم منها ، ولا محيد لهم عنها ، كما قال تعالى : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) [الحج ٢٢ / ٢٢] فمعنى قوله : (مُقِيمٌ) أنه دائم ثابت لا يزول ولا يحول.
روى البخاري ومسلم والنسائي من حديث أنس بن مالك قال : قال