وقيل : إنها نزلت في زنى اليهوديين وقصة الرجم ؛ قال القرطبي : وهذا أصح الأقوال(١). والقصة ما يأتي :
روى الأئمة : مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي وأبو داود عن البراء بن عازب قال : مرّ النبي صلىاللهعليهوسلم بيهودي محمّما (٢) مجلودا ، فدعاهم فقال : أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا : نعم ، فدعا رجلا من علمائهم فقال : أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى ، أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قال : اللهم لا ، ولو لا أنك أنشدتني بهذا لم أخبرك ، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ، ولكنه كثر في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد ، فقلنا : تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع ، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم ، فقال النبيصلىاللهعليهوسلم : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه ، وأمر به فرجم ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) إلى قوله : (إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ).
وأخرج أحمد والشيخان (البخاري ومسلم) عن عمر قال : «إن اليهود أتوا النبيصلىاللهعليهوسلم برجل منهم وامرأة قد زنيا ، فقال : ما تجدون في كتابكم؟ قالوا : نسخّم وجوههما ويخزيان ، قال : كذبتم إن فيها الرجم : (فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فجاءوا بالتوراة ، وجاؤوا بقارئ لهم أعور يقال له ابن صوريا ، فقرأ حتى إذا أتى إلى موضع منها وضع يده عليه ، فقيل له : ارفع يدك فرفع يده ، فإذا هي تلوح (أي آية الرجم) فقالوا : يا محمد ، إن فيها الرجم ، ولكنا كنا نتكاتمه بيننا ، فأمر بهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فرجما ، فلقد يجأ عليها (ينحني) يقيها الحجارة بنفسه».
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٦ / ١٧٦
(٢) التحميم : وضع الحمة أي الفحمة في الوجه ، وهو التسخيم الوارد في الرواية الأخرى من السخام : وهو سواد القدر.