نزول الآية (٤٢) :
(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) : نزلت هذه الآية في اليهود ، كان الحاكم منهم إذا أتاه من كان مبطلا في دعواه برشوة ، سمع كلامه ، وعول عليه ، ولا يلتفت لخصمه ، فكان يأكل السحت ، ويسمع الكذب ، وكان الفقراء منهم يأخذون من أغنيائهم مالا ليقيموا على ما هم عليه من اليهودية ، ويسمعون منهم الأكاذيب لترويج اليهودية والطعن على الإسلام ، فالفقراء كانوا يأكلون السحت الذي يأخذونه منهم ، ويسمعون الكذب ، فهذا هو المشار إليه بقوله تعالى : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ، أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ). وقيل : سماعون للكذب الذي كانوا ينسبونه إلى التوراة أكالون للربا ، كما قال تعالى : (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) [النساء ٤ / ١٦١].
المناسبة :
لما بيّن الله تعالى بعض التكاليف والشرائع ، وأعرض عنها بعض الناس متسارعين إلى الكفر ، صبّر الله رسوله على تحمل ذلك ، وأمره بأن لا يحزن لأجل ذلك ، فقال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ ..).
وقد خاطب تعالى نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم بقوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) في مواضع كثيرة ، وما خاطبه بقوله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ) إلا في موضعين : أحدهما ـ هاهنا ، والثاني ـ (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [المائدة ٥ / ٦٧] وهذا خطاب تشريف وتعظيم.
التفسير والبيان :
نزلت هذه الآيات الكريمات في المسارعين في الكفر ، الخارجين عن طاعة الله ورسوله ، المقدمين آراءهم وأهواءهم على شرائع الله عزوجل : وهم المنافقون واليهود.