أنزلناها شرعا وقانونا يحكم بها النبيون الذين أسلموا وجوههم لله مخلصين له الدين ، الذين بعثهم الله بعد موسى في بني إسرائيل حتى عيسى عليهمالسلام.
قال ابن الأنباري : الذين أسلموا : صفة للنبيين على معنى المدح ، لا على معنى الصفة التي تميز الموصوف عن غيره ؛ لأنه لا يحتمل أن يكون (النَّبِيُّونَ) غير مسلمين. وهذا رد على اليهود والنصارى وتقرير أن الأنبياء ما كانوا موصوفين باليهودية ولا بالنصرانية كما زعموا ، بل كانوا مسلمين لله منقادين لأحكامه.
للذين هادوا : أي يحكم النبيون بالتوراة لأجل اليهود وفيما بينهم ، فهي شريعة خاصة بهم لا عامة ، وكان داود وسليمان وعيسى يحكمون بها.
ويحكم بها الربانيون والأحبار وهم الصالحون من ولد هارون ، والمقصود بالأولين : العلماء الحكماء البصراء بسياسة الناس وتدبير أمورهم ومصالحهم ، والأحبار : هم العلماء المتقون الصالحون (١) ، يحكمون بالتوراة في الأزمنة التي لم يكن فيها أنبياء ، أو مع وجودهم بإذنهم ، بسبب ما استحفظوا من كتاب الله ، أي بسبب ما استودعوا من علمه ، وقد أخذ الله العهد على العلماء حفظ كتابه من جهتين : أن يحفظوه في صدورهم ويدرسوه بألسنتهم ، وألا يضيعوا أحكامه ولا يهملوا شرائعه.
قال الطبري : والربانيون : جمع ربّاني وهم العلماء الحكماء البصراء بسياسة الناس وتدبير أمورهم والقيام بمصالحهم. والأحبار : هم العلماء جمع حبر : وهو العالم المحكم للشيء(٢).
(وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) أي وكان العلماء الصالحون على كتاب الله شهودا
__________________
(١) أطلق لقب الربّاني على علي رضياللهعنه ، لقوله : أنا رباني هذه الأمة
، وأطلق لقب : حبر الأمة على ابن عباس.
(٢) تفسير الطبري : ٦ / ١٦١