ورقباء يحمونه من التغيير والتحريف ، وشاهدون أنه الحق من ربهم ، مثل عبد الله بن سلام الذي شهد بحكم الرجم في التوراة ، وكتمان صفة النبي صلىاللهعليهوسلم والبشارة به.
ثم خاطب الله رؤساء اليهود المعاصرين لزمن الوحي القرآني الذين كتموا وبدلوا ، بعد أن أقام عليهم شهودا من أنفسهم فقال : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) أي وإذا الحال كما ذكر ، فلا تخافوا الناس أيها الأحبار المعاصرون ، فتكتموا الحق ، من صفة النبي والبشارة به ، طمعا في نفع دنيوي عاجل ، وخافوا الله فلا تحرفوا كتابي ، خوفا من الناس والرؤساء ، فتسقطوا عنهم الحدود الواجبة عليهم. ولما كان الخوف أشد تأثيرا من الطمع قدم الله ذكره فقال : (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ).
ثم ذكر أمر الطمع والرغبة في النفع ، فقال : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) أي ولا تستبدلوا بآياتي وأحكامي منفعة عاجلة حقيرة تأخذونها من الناس من رشوة أو طمع في مال أو جاه أو رياسة كاذبة أو رضا الآخرين ، فمتاع الدنيا قليل ، والرشوة التي تأخذونها سحت حرام لا بقاء لها ، فلا تضيعوا بها الدين والثواب الدائم ، إذ كيف تأخذون القليل الزائل بالكثير الدائم؟!
وكل من لم يحكم بغير ما أنزل الله ، مثل جعل الجلد والتحميم بدلا من الرجم ، وكتمان صفة النبي صلىاللهعليهوسلم وتأويلها على غيره ، وقضائهم في بعض القتلى بدية كاملة وفي بعضهم بنصف دية ، وتركهم القصاص ، فأولئك هم الكافرون الذين ستروا الحق ، الظالمون الجائرون ، الفاسقون الخارجون عن حدود الله ، تلك أوصافهم ، وصفهم بالعتو في كفرهم حين ظلموا آيات الله بالاستهانة ، وتمردوا بأن حكموا بغيرها ، عن ابن عباس رضياللهعنهما أن الكافرين والظالمين والفاسقين أهل الكتاب. فهذا وعيد شديد المقصود منه تهديد اليهود الذين