واحدة ، وعقيدة واحدة ، وشريعة واحدة ، فكانوا على الحق. ولكن الحكمة الإلهية اقتضت جعل الشرائع مختلفة للاختبار.
٥ ـ المبادرة إلى الطاعات والتنافس في فعل الخيرات سمة الأتقياء الصالحين ، ودل قوله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) على أن تقديم الواجبات أفضل من تأخيرها ، وذلك لا اختلاف فيه في العبادات كلها ، إلا في الصلاة في أول الوقت ، فإن أبا حنيفة يرى أن الأولى تأخيرها ، وعموم الآية دليل عليه.
وفيه دليل أيضا على أن الصوم في السفر أولى من الفطر.
٦ ـ في قوله تعالى : (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ) دليل على جواز النسيان على النبيصلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه قال : (أَنْ يَفْتِنُوكَ) وإنما يكون ذلك عن نسيان لا عن تعمد.
٧ ـ إن إباء حكم النبي صلىاللهعليهوسلم والإعراض عنه سبب للمصائب في الدنيا ؛ لأن الله تعالى قال في اليهود : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ) أي يعذبهم بالجلاء والقتل وفرض الجزية. وإنما قال (بِبَعْضِ) لأن المجازاة بالبعض كانت كافية في التدمير عليهم.
٨ ـ كان العرب في الجاهلية يجعلون حكم الشريف خلاف حكم الوضيع ، وكان اليهود يفعلون مثلهم ، فيقيمون الحدود على الضعفاء الفقراء ، ولا يقيمونها على الأقوياء الأغنياء ، لذا أنكر الله عليهم بقوله : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ).
ومن أفعال الجاهلية تفضيل بعض الأولاد على بعض في الهبة أو العطية ، فإن فعل لم ينفذ وفسخ ، وهو قول الحنابلة والظاهرية ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لبشير في حديث النعمان الآتي تخريجه : «ألك ولد سوى هذا؟» قال : نعم ، فقال : «أكلّهم وهبت له مثل هذا؟» فقال : لا ، قال : «فلا تشهدني إذن ، فإني لا أشهد على جور» وفي رواية : «وإني لا أشهد إلا على حق» قالوا : وما كان جورا وغير حق فهو باطل لا يجوز ، وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث