من حلف الكفار وولايتهم ، قال : ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت القصة في المائدة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) الآية.
وفي رواية أخرى عن عطية بن سعد قال : «جاء عبادة بن الصامت من بني الخزرج إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، إن لي موالي من اليهود كثير عددهم ، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود وأتولّى الله ورسوله ، فقال عبد الله بن أبي : إني رجل أخاف الدوائر ، لا أبرأ من موالاة مواليّ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعبد الله بن أبي : «يا أبا الحباب ، أرأيت الذي نفست به من ولاء يهود على عبادة فهو لك دونه» قال : إذن أقبل ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى ..) إلى قوله : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
وذكر في السيرة : أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما قدم المدينة كان الكفار معه ثلاثة أقسام :
قسم صالحهم ووادعهم على ألا يحاربوه ولا يظاهروا عليه أحدا ولا يوالوا عليه عدوه ، وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم.
وقسم حاربوه وعادوه.
وقسم وقفوا محايدين ، لم يصالحوه ولم يحاربوه ، بل انتظروا ما يؤول إليه أمره وأمر أعدائه ، وكانوا في الحقيقة والباطن معادين له وهم (المنافقون).
وقد عامل كل فريق بما أمره الله به ، فصالح يهود المدينة وكتب بينه وبينهم كتاب أمان ، وكانوا طوائف ثلاثة حول المدينة : بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة ، فحاربه بنو قينقاع بعد بدر ، ونقض بنو النضير العهد بعد ذلك بستة أشهر ، ثم نقض بنو قريظة العهد لما خرج إلى غزوة الخندق ، وكانوا من أشد اليهود عداوة للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وقد حارب كل فئة ونصره الله عليها ، وكان نصارى العرب والروم حربا عليه كاليهود.