التفسير والبيان :
مضمون الآيات أن الله تعالى ينهى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى الذين هم أعداء الإسلام وأهله ، ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض ، ثم تهدد وتوعد من يواليهم.
أيها المؤمنون بالله ورسوله ، لا توالوا اليهود والنصارى أعداء الإسلام ، أي لا تتخذوهم أنصارا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله ، ولا تسروا إليهم بأسراركم ، ولا تطمئنوا إلى صداقتهم ومحبتهم أو مودتهم ، إذ لن يخلصوا لكم ، وبعضهم أولياء بعض ، أي إن اليهود بعضهم أنصار بعض ، والنصارى بعضهم أنصار بعض ، وقد نقض اليهود عهودهم ، والكل متفق على معاداتكم وبغضكم.
ثم توعد من يواليهم فقال : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) أي ومن ينصرهم أو يعينهم أو يستنصر بهم ، فإنه في الحقيقة منهم أي من جملتهم وكأنه مثلهم ، وليس من صف المؤمنين الصادقين. وهذا تغليظ من الله وتشديد على المنافقين الذين يتصادقون مع اليهود والنصارى المخالفين في الدين ؛ لأن موالاتهم تستدعي الرضا بدينهم. وهذا يومئ إلى أن العلاقات والمحالفات بين المسلمين وغيرهم لمصالح دنيوية غير منهي عنها في الآية.
وسبب هذا الوعيد : أن من يوالي هؤلاء في شؤون الدين وقضاياه ومقتضيات الدعوة ونشاطها ، فينصرهم أو يستنصرهم بهم ، فهو ظالم لنفسه بوضعه الولاية في غير موضعها ، والله لا يهديه إلى خير أو حق بسبب موالاة الكفر.
وواقع الأمر أن المنافقين الذين في قلوبهم شك وريب ونفاق يسارعون فيهم ، أي يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر ، وهم عبد الله بن أبي وجماعته المنافقون.