وحينئذ تتبدد تأويلات المنافقين ، ويظهر كذبهم وافتراؤهم ، لذا قال تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا ..) أي يقول بعض المؤمنين لبعض أو لليهود تعجبا واستهجانا وشماتة : أهؤلاء الذين أقسموا بالله : إنهم معكم وإنهم مناصروكم على أعدائكم اليهود ، ثم انكشفوا على حقيقتهم ، وتبينت عداوتهم ، كما قال تعالى : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ : إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ ، وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ) [التوبة ٩ / ٥٦] أي أنهم جماعة خائفون يظهرون الإسلام تقيّة أو مناورة أو سياسة ، لا حقيقة. وأردف المؤمنون القول : هؤلاء المنافقون بطلت أعمالهم التي يؤدونها نفاقا من صلاة وصيام وحج وجهاد ، فخسروا بذلك الدنيا والأجر والثواب في الآخرة.
والمفسرون اختلفوا في سبب نزول هذه الآيات الكريمات ، فذكر السدي : أنها نزلت في رجلين قال أحدهما لصاحبه بعد وقعة أحد : أما أنا فإني ذاهب إلى ذلك اليهودي ، فآوي إليه ، وأتهود معه ، لعله ينفعني إذا وقع أمر أو حدث حادث ، وقال الآخر : أما أنا فإني ذاهب إلى فلان النصراني بالشام ، فآوي إليه وأتنصر معه ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) الآيات.
وقال عكرمة فيما رواه ابن جرير : نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر ، حين بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بني قريظة ، فسألوه ما ذا هو صانع بنا؟ فأشار بيده إلى حلقه ، أي إنه الذبح. وقيل : نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول ، كما قال ابن جرير ، وكما ذكر في سبب النزول.
فقه الحياة أو الأحكام :
تدل الآيات على ما يأتي :
١ ـ قطع الموالاة والمودة شرعا بين المؤمنين وبين الكافرين في أمور الدين