يسرّ إلى أحد شيئا من أمر الدين ؛ لأن المعنى بلّغ جميع ما أنزل إليك ظاهرا.
قال ابن عباس : «المعنى بلّغ جميع ما أنزل إليك من ربك ، فإن كتمت شيئا منه فما بلغت رسالته» وهذا تأديب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وتأديب لحملة العلم من أمته ألا يكتموا شيئا من أمر شريعته ، وقد علم الله تعالى من أمر نبيه أنه لا يكتم شيئا من وحيه.
ودلت آية (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) على نبوته صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن الله عزوجل أخبر أنه معصوم ، ومن ضمن سبحانه له العصمة ، فلا يجوز أن يكون قد ترك شيئا مما أمره الله به.
ودلت آية : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) أي لا يرشدهم على أن التوفيق إلى الخير والسعادة محجوب من الله عن الذين كفروا ، فهم بسبب كفرهم حجبوا رحمة الله عنهم.
ودلت آية (قُلْ : يا أَهْلَ الْكِتابِ ..) على أن اليهود والنصارى ليسوا في الواقع على شيء من الدين حتى يعملوا بما في التوراة والإنجيل والقرآن ، فيؤمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام ويعملوا بما يوجبه ذلك عليهم من الكتابين.
ومن كفر يزيده الله كفرا على كفره ، ويزيده طغيانا أي تجاوزا الحد في الظلم والغلو فيه.
والعبرة للمسلم من هذه الآية أن يعلم أنه لا يكون على شيء يعتد به من أمر الدين حتى يقيم القرآن ، فيهتدي بهديه ، ويلتزم بحدوده.
وأومأت آية : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا ..) إلى أن أهل الكتاب لم يقيموا دين الله ، فلا حفظوا نصوص الكتب المنزلة ، ولا تركوا ما عندهم على ظواهرها بل أولوها تأويلا فاسدا ، ولا آمنوا بالله واليوم الآخر ، ولا عملوا الصالحات.