الحال من أحد المنصوبين قبله وهما : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ ... وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ) والوجه الأول هو الأولى ، وهو أن يعنى بالرسل جميع من تقدم ذكره ، فينتصب على المدح بتقدير فعل.
واللام في (لِئَلَّا) متعلق إما بقوله : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) وإما بفعل مقدر يشار به إلى جميع ما تقدم ، وتقديره : فعلنا ذلك لئلا يكون للناس.
(أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) الباء للحال ، أي : أنزله معلوما ، كما تقول : خرج زيد بسلاحه ، أي خرج متسلحا.
البلاغة :
(كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ) تخصيصه بالذكر للتشريف ، وقوله : (وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) لإظهار فضلهم ، والتشبيه مرسل مفصل.
(يَشْهَدُونَ .. وشَهِيداً) جناس اشتقاق.
المفردات اللغوية :
(إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) أي أنزلنا إليك كتابا بواسطة جبريل عليهالسلام ، والوحي : إعلام في خفاء (١). وقال الزجاج : الإيحاء : الاعلام على سبيل الخفاء. ويأتي في اللغة على معان منها :
١ ـ الإشارة : مثل قوله تعالى : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم ١٩ / ١١] أي أشار إليهم.
٢ ـ الإلهام : مثل قوله تعالى : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي) [المائدة ٥ / ١١١](وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) [القصص ٢٨ / ٧].
٣ ـ الإلهام غريزة : مثل قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) [النحل ١٦ / ٦٨].
٤ ـ الاعلام في خفاء : مثل قوله تعالى : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً)(٢) [الأنعام ٦ / ١١٢].
(الْأَسْباطِ) جمع سبط : وهو ولد الولد ، والمراد بالأسباط هنا : أولاد يعقوب لصلبه أو أولاد أولاده.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٦ / ١٥
(٢) تفسير الألوسي : ٨ / ٥