آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) [مريم ١٩ / ٩٣] وقال : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) [الأنعام ٦ / ١٠١].
(وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) أي شهيدا على ذلك ، وقال الرازي : والمعنى أن الله سبحانه كاف في تدبير المخلوقات ، وفي حفظ المحدثات ، فلا حاجة معه إلى القول بإثبات إله آخر(١).
(لَنْ يَسْتَنْكِفَ) ، أي لن يتكبر أو يأنف المسيح عن عبادة الله وحده ، أو عن أن يكون عبدا لله ، لعلمه بعظمة الله وما يستحقه من العبودية والشكر ، وكذلك الملائكة المقربون لن يترفعوا عن أن يكون أحدهم عبدا لله.
ومن يستنكف أو يترفع عن عبادته تعالى وحده ، ويدعي الإشراك أو التثليث ، فسيحشرهم إليه جميعا للجزاء ، ويجازيهم ويحاسبهم على أعمالهم ، أي فيجمعهم إليه يوم القيامة ، ويفصل بينهم بحكمه العدل الذي لا جور فيه ولا حيف.
فأما المؤمنون بالله الذين يعملون الأعمال الصالحة ، فيعطيهم أجورهم وثواب أعمالهم كاملة غير منقوصة ، أي يعطيهم من الثواب على قدر أعمالهم الصالحة ، ويزيدهم على ذلك من فضله وإحسانه وسعة رحمته وامتنانه.
وأما الذين استنكفوا وتكبروا أي امتنعوا من طاعة الله وعبادته فيعذبهم عذابا مؤلما في الدنيا والآخرة حسبما يستحقون ، ولا يجدون لهم من غير الله تعالى وليا يلي أمورهم ويدبر مصالحهم ، ولا مناصرا ينصرهم من بأس الله ويرفع عنهم العذاب ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) [غافر ٤٠ / ٦٠] أي صاغرين حقيرين ذليلين ، كما كانوا ممتنعين مستكبرين.
__________________
(١) تفسير الرازي : ١١ / ١١٧