وكل من حالتي جواز الجهر بالسوء من القول وعدم الجواز في ظل رقابة دقيقة من الله تعالى ، فهو سميع لكل ما يقال ، مطلع على البواعث والنيات المؤدية للأقوال ، عليم بكل ما يصدر عن الخلق من أفعال وتصرفات ، فيثيب المحق ، ويعاقب المبطل ، ويعين على دفع الظلم ، ويجازي كل ظالم على ظلمه.
وإبداء الخير من قول أو فعل ، أو إخفاؤه ، أو العفو عمن أساء يجازي الله تعالى عليه خيرا ، بل يرغب فيه ، فالله تعالى يحبّ فعل الخير ، ويعفو عن السّيئات ، وهو مع ذلك قادر تمام القدرة على معاقبة المسيء ، والتّخلّق بأخلاق الله تعالى أمر حسن مرغّب فيه.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآيتان على ما يأتي :
١ ـ الجهر بالسوء من القول بإشاعة عيوب الناس أمر منكر يعاقب الله تعالى عليه.
٢ ـ يباح للمظلوم اللجوء إلى القضاء والشكوى لرفع الظلم ووصف فعل الظالم ، كما أنه يجوز الدّعاء على الظالم ، ودعوة المظلوم مستجابة ، روى الحاكم عن ابن عمر : «اتّقوا دعوة المظلوم ، فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة» وروى الطبراني والضياء عن خزيمة بن ثابت : «اتّقوا دعوة المظلوم ، فإنها تحمل على الغمام ، يقول الله : وعزتي وجلالي لأنصرنّك ولو بعد حين».
وقال ابن عباس وغيره : المباح لمن ظلم أن يدعو على من ظلمه ، وإن صبر فهو خير له.
وقال الحسن البصري : لا يدع عليه ، وليقل : اللهم أعنّي عليه ، واستخرج حقّي منه. والذي يقتضيه ظاهر الآية أن للمظلوم أن ينتصر من ظالمة ، ولكن