وقد أطلق الإيمان وأراد المؤمن به مجازا وهو الشرائع والتكاليف ، وقيل : المراد : ومن يكفر بربّ الإيمان ، فهو مجاز بالحذف. والمقصود من هذه الآية : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ ...) تعظيم شأن ما أحلّ الله وما حرّمه ، والتّشديد على المخالف.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت آية (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) على ما يأتي :
١ ـ إباحة الطيبات أي المطعومات التي تستطيبها الأنفس الكريمة دون الخبائث التي حرمتها الشريعة.
٢ ـ إباحة الصيد بالجوارح من سباع البهائم والطير ، بشرط كونها معلّمة ، وكون معلّمها مؤدّبا ماهرا ، وكونه يعلمها مما علمه الله بأن ينشلى إذا أشلي (أغري) ، ويجيب إذا دعي ، وينزجر بعد ظفره بالصيد إذا زجر ، وأن لا يأكل من صيده الذي صاده. فإن انخرم شرط من هذه الشروط وقع الخلاف.
٣ ـ حل ما جرحته الجوارح وقتلته ، وأدركه الصائد ميتا ، لإطلاق قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) أي حبس عليكم ، ولم يأكل مما صاد ، فإن أكل الكلب ونحوه لم يؤكل عند الجمهور ما بقي ، لأنه أمسك على نفسه ، ولم يمسك على صاحبه. ولم يشترطوا ذلك في الطيور ، بل يؤكل ما أكلت منه. وأباح المالكية أكل ما بقي من الصيد وإن كان بضعة ، وإن أكل الجارح منه ، سواء كان كلبا أو فهدا أو طيرا.
فلو مات الصيد في أفواه الكلاب من غير بضع (جرح) لم يؤكل ، لأنه مات خنقا ، فأشبه أن يذبح بسكين كالّة ، فيموت في الذبح قبل أن يفرى حلقه.
وجمهور العلماء على أن الجارح إذا شرب من دم الصيد أن الصيد يؤكل. وكره الشعبي والثوري أكل ذلك الصيد.
فإن وجد الصائد مع كلبه كلبا آخر ، فهو محمول على أنه غير مرسل من صائد