ينسخ ، فيعطون عند الحاجة ، ويحمل ترك عمر وعثمان وعلي إعطاءهم على عدم الحاجة إلى إعطائهم في خلافتهم ، لا لسقوط سهمهم ، فإن الآية من آخر ما نزل من القرآن ، ولأن المقصود من إعطائهم ترغيبهم في الإسلام ، لا لإعانتهم لنا ، حتى يسقط بانتشار الإسلام.
والخلاصة : أن هذا السهم حق للإمام يفعل فيه ما يراه محققا للمصلحة.
٥ ـ وفي الرقاب : أي في فك الرقاب ، كما قال ابن عباس وابن عمر ، أي أن فيه محذوفا ، والمراد به عند أكثر العلماء : المكاتبون (١) المسلمون الذين لا يجدون وفاء ما يؤدون لأسيادهم ، ولو مع القوة والتكسب ؛ لأنه لا يمكن الدفع إلى الشخص الذي يراد فك رقبته إلا إذا كان مكاتبا ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) [النور ٢٤ / ٣٣] إلا أن أبا حنيفة وأصحابه قالوا : لا يعتق من الزكاة رقبة كاملة ، ولكن يعطى منها في رقبة ، ويعاون بها مكاتب ؛ لأن قوله : (وَفِي الرِّقابِ) يقتضي مشاركة المزكي في عتق الرقبة ، لا أن يستقل بالعتق.
وقال المالكية : يشترى بسهمهم رقيق ، فيعتق ؛ لأن كل موضع ذكرت فيه الرقبة : يراد بها عتقها ، والعتق والتحرير لا يكون إلا في القن (العبد الخالص العبودية) كما في الكفارات. ويكون ولاؤهم لبيت المال.
وقد ورد حديث يدل على جواز عتق الرقبة وإعانة المكاتب معا ، روى أحمد والبخاري والدارقطني عن البراء بن عازب قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : دلّني على عمل يقربني من الجنة ، ويباعدني من النار ، فقال : «أعتق النسمة ، وفك الرقبة» فقال : يا رسول الله ، أو ليستا واحدا؟ قال : «لا ،
__________________
(١) المكاتب : من كاتبه سيده على أقساط معينة ، فإذا وفاها صار حرا. والكتابة مندوبة لقوله تعالى : فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً [النور ٢٤ / ٣٣] من أجل تحرير الرقاب.