وفسر بعض الحنفية سبيل الله بطلب العلم ، وفسره الكاساني بجميع القرب ، فيدخل فيه جميع وجوه الخير مثل تكفين الموتى وبناء القناطر والحصون وعمارة المساجد ؛ لأن قوله تعالى : (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) عام في الكل.
والخلاصة : المراد بسبيل الله : إعطاء المجاهدين ولو كانوا أغنياء عند الشافعية ، وبشرط كونهم فقراء عند الحنفية ، والحج من سبيل الله عند أحمد والحسن وإسحاق. واتفق العلماء إلا ما يروى عن بعضهم أنه لا يجوز صرف الزكاة لبناء المساجد والجسور والقناطر وإصلاح الطرقات ، وتكفين الموتى ، وقضاء الدين ، وشراء الأسلحة ونحو ذلك من القرب التي لم تذكر في الآية ، مما لا تمليك فيه.
٨ ـ ابن السبيل : هو المسافر المنقطع في أثناء الطريق عن بلده ، أو الذي يريد السفر في طاعة غير معصية ، فيعجز عن بلوغ مقصده إلا بمعونة. والطاعة : مثل الحج والجهاد وزيارة مندوبة. وأما السفر المباح كالرياضة والسياحة فلا يعطى في رأي بعض الشافعية لعدم حاجته ، ويعطي في رأي آخرين بدليل جواز القصر والفطر له.
ويعطى ابن السبيل ما يبلغ به مقصده إذا كان محتاجا في سفره ، ولو كان غنيا في وطنه.
ومن جاء مدعيا وصفا من الأوصاف السابقة ، فيطالب بإثبات ما يقول ، وعليه أن يثبت الدّين ، وأما سائر الصفات فظاهر الحال يشهد لها ، ويكتفى به فيها ، كما ذكر ابن العربي والقرطبي المالكيان.
وذكر الرافعي الشافعي أن الوصف الخفي كالفقر والمسكنة لا يطالب المدعي بإثباته ، ويعطى بلا بيّنة ، وأما الوصف الجلي فيطالب العامل والمكاتب والغارم بإثباته ، ولا يطالب المؤلف قلبه بإثبات ما يدعيه من ضعف نيته في الإسلام ،