فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآية على بيان مصارف الزكاة ، وأنها لثمانية أصناف ، لكن اليوم تعطى الزكاة في الغالب من بعض الأغنياء لا من جميعهم للفقراء والمساكين ، وإعطاؤها نادر للغارمين المديونين وأبناء السبيل. أما الرقاب والعاملون على الزكاة وفي سبيل الله والمؤلفة قلوبهم فلا يصرف من الزكاة عليهم شيء ؛ لأن سهم (وَفِي الرِّقابِ) قد انتهى بسبب انتهاء الرق في العالم ، وأما العاملون أو الموظفون على جباية الزكاة فلم يعد لهم وجود بسبب ترك توزيع الزكاة لأصحابها ، وعدم جباية الحاكم لها ، إلا في بعض محاولات تقوم بها بعض الدول الإسلامية المعاصرة ، وأما سهم في سبيل الله فإن الجيوش النظامية أصبحت تزود بالمؤن والذخائر والأسلحة والرواتب الشهرية الدائمة من خزينة الدولة العامة ، ولم تعد تنتظر زكوات المزكين وإنما يمكن الإنفاق في شراء السلاح أو دعم المتطوعين للجهاد ، وأما المؤلفة قلوبهم حتى عند القائلين ببقاء سهمهم فقد أصبح وجودهم وتشجيعهم وترغيبهم في الإسلام نادرا ، ومحدودا جدا ؛ لأن نشاط الدول طغى على نشاط الأفراد ، ولم تعد الدول المعاصرة تفكر غالبا في أمر انتشار الإسلام ، ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.
وفي الآية أحكام سبعة هي :
١ ـ قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ) يدل على أن مصارف الصدقات لثمانية أصناف ، والمراد من لفظ الصدقات هنا هو الزكوات الواجبة ، بدليل إثباته تعالى هذه الصدقات بلام التمليك للأصناف الثمانية ، والصدقة المملوكة لهم ليست إلا الزكاة الواجبة ، ولأن الحصر المستفاد من إنما في هؤلاء الثمانية يصحّ لو حملنا هذه الصدقات على الزكوات الواجبة ، أما لو أدخلنا فيها المندوبات فلم يصح هذا الحصر ؛ لأن الصدقات المندوبة يجوز صرفها إلى بناء المساجد والرباطات في