عنهم الضر ، ثم بيّن أنهم لا يملكون شيئا ولا تنفع شفاعتهم ، فكيف يعبدونهم ، وشأن المعبود تحقيق النفع للعابد؟
التفسير والبيان :
(قُلِ : ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) أي قل أيها النبي لهؤلاء المشركين من قريش : نادوا تلك الآلهة المزعومة كالأصنام ، والتي عبدت من دون الله ، ليكشفوا عنكم الضر الذي نزل بكم في سني الجوع ، أو يجلبوا لكم النفع.
ثم أجاب سبحانه عنهم الجواب المتعين دون مكابرة ، مبينا خطأهم ، فقال :
(لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) أي إن تلك الآلهة المزعومة لا يملكون شيئا أبدا ، ولو كان وزن ذرة في السموات والأرض ، وليس لهم قدرة على خير ولا شر في أمر من الأمور ، كما قال تعالى : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) [فاطر ٣٥ / ١٣].
ثم نفى الله تعالى وجود الشريك والمعين له ، فقال :
(وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ ، وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ) أي لا تستطيع الأصنام شيئا أصلا ، لا استقلالا ، ولا شركة في الخلق أو الملك ، فليس لله شريك ولا معين على خلق شيء ولا على حفظه ، كما قال تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ، وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) [الكهف ١٨ / ٥١] بل الخلق كلهم فقراء إليه ، عبيد لديه.
ثم نفى إمكان شفاعتهم ، فقال :
(وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) أي لا تنفعهم شفاعة تلك الأصنام ؛ لأنه لا تنفع الشفاعة في حال من الأحوال إلا لمن أذن الله له أن يشفع ، من الملائكة والنبيين ونحوهم من أهل العلم والعمل ، وهو لا يأذن للكافرين ،