المناسبة :
بعد بيان جزاء المؤمنين والكافرين وتهديد كل من كفر بالله ، ذكر تعالى ما يدعو للتوحيد ويبطل الإشراك ، مناقشا المشركين في أبسط مقومات عبادة الإله : وهو الخلق والإبداع ، وأن هذه الآلهة المزعومة عاجزة عن ذلك.
التفسير والبيان :
(قُلْ : أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) قل أيها النبي للمشركين : أخبروني عن الشركاء الذين تعبدونهم من دون الله وتتخذونهم آلهة من الأصنام والأوثان ، هل خلقوا شيئا من الأرض ، حتى يستحقوا الألوهية؟
(أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) وهل لهم شركة مع الله في خلق السموات أو في ملكها أو في التصرف فيها ، حتى يستحقوا بذلك الشركة في الألوهية؟
(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ)؟ أي وهل أنزلنا عليهم كتابا يقرر ما يقولونه من الشرك والكفر ، يكون لهم حجة فيما يدعون؟
(بَلْ ، إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) أي بل إنما اتبعوا في ذلك أهواءهم وآراءهم وأمانيهم التي تمنوها لأنفسهم ، وهي كلها غرور وباطل وزور ، كما يعد الرؤساء والقادة أتباعهم بمواعيد يغرونهم بها ، وهي أباطيل تغر ولا حقيقة لها ، وذلك قولهم : إن هذه الآلهة تنفعهم وتقرّبهم إلى الله ، وتشفع لهم عنده.
وبعد بيان ضعف الأصنام وعجزها عن أي شيء ، أبان تعالى ما يؤهله للعبادة ، ويجعله أهلا للعظمة ، فقال مبينا قدرته وبديع صنعه :
(إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) أي إن الله يمنع زوال