٣ ـ لا ظلم للكفار بالعذاب يوم القيامة ، ولكنهم هم الظالمون لأنفسهم بالشرك ، وإن أعظم جريمة في حق الله هي الشرك به ، لذا قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء ٤ / ٤٨].
٤ ـ يطلب الكفار من مالك خازن جهنم أن يتخلصوا من العذاب بالموت الأبدي ، وهم بالرغم من أنهم عالمون بأنه لا خلاص لهم عن ذلك العقاب ، طلبوا ذلك إما على سبيل التمني أو على وجه الاستغاثة ، وكلا الأمرين تعبير عن الحيرة والقلق والاضطراب ونحوها مما يفعله اليائس المتخبط في أحواله كلها ، فأجيبوا بأنهم مقيمون على الدوام في نار جهنم.
ويذكر المفسرون أن بين سؤالهم هذا وبين جوابهم ثمانين سنة ، أو ألف سنة ، أو مائة سنة ، أو أربعين سنة ، الأول قول عبد الله بن المبارك ، والثاني قول الأعمش ، والثالث قول ابن عباس ، والرابع قول عبد الله بن عمرو (١). وكل ذلك يحتاج لدليل أوثق وأثبت ، ونفوض العلم فيه إلى الله تعالى.
٥ ـ إن سبب عقاب الكفار أن الله تعالى جاءهم بالحق فلم يقبلوا ، وكلهم نافر من محمد صلىاللهعليهوسلم ومن القرآن ، شديد البغض لقبول الدين الحق ، وهو الإسلام ودين الله تعالى.
٦ ـ أحبط الله كل مؤامرات الكفار على النبي صلىاللهعليهوسلم ، لأن الله عاصمه من الناس ، قال مقاتل ـ كما تقدم ـ : نزلت آية (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) في تدبيرهم بالمكر بالنبي صلىاللهعليهوسلم في دار النّدوة ، حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم أن يبرز من كل قبيلة رجل ، ليشتركوا في قتله ، فتضعف المطالبة بدمه ، فنزلت الآية (٢).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٦ / ١١٧
(٢) المرجع السابق : ١٦ / ١١٨.