الناس مشاورة لأصحابه ، وسلك الصحابة طريقه ومنهجه في عظائم الأمور كتولية الخلافة وحروب الردة واستنباط الأحكام الشرعية للقضايا والحوادث المستجدة ، وشاور عمر رضياللهعنه الهرمزان حين وفد عليه مسلما (١) ، ولما طعن عمر جعل الأمر بعده شورى في ستة نفر ، وهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف رضياللهعنهم ، فاتفقوا على تقديم عثمان رضياللهعنه للخلافة الثالثة.
وإذا كانت الآية هنا تقرر وصفا ثابتا للمؤمنين ، فقد أمر الله تعالى بالشورى في آية أخرى ، فقال : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) [آل عمران ٣ / ١٥٩] وقال الحسن البصري رحمهالله : «ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمورهم». وقال ابن العربي (٢) : الشورى ألفة للجماعة ، ومسبار للعقول ، وسبب إلى الصواب ، وما تشاور قوم إلا هدوا ، وقد قال حكيم :
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن |
|
برأي لبيب أو مشورة حازم |
ولا تجعل الشّورى عليك غضاضة |
|
فريش الخوافي قوة للقوادم |
٦ ـ الإنفاق : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) أي وينفقون في سبيل الله وطاعته بعض ما رزقناهم من أموال وخيرات ، فالإنفاق من الأغنياء قوة للأمة ، وعلاج لضعفها ، وسبيل للحفاظ على هيبة الدولة ورفعة شأن أفرادها وعزها ، وذلك بالإحسان إلى الأقرب فالأقرب ، ثم للمصالح العامة ، كإغناء المحاويج ، وإعداد القوى الحربية لمجابهة الأعداء.
٧ ـ الشجاعة : (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) أي إذا تعرضوا للظلم والاعتداء انتصروا ممن ظلمهم ، لأن الانتصار عند البغي واجب وفضيلة ،
__________________
(١) أحكام القرآن لابن العربي : ٤ / ١٦٥٦
(٢) أحكام القرآن ٤ / ١٦٥٦.