(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) أي لا يتساوى أصحاب النار الذين لم يعملوا ما ينقذهم منها ، فاستحقوا النار ، والذين استكملوا نفوسهم ، فاستأهلوا الجنة ، واحتج به الشافعية على أن المسلم لا يقتل بالكافر. (هُمُ الْفائِزُونَ) بالنعيم المقيم.
المناسبة :
بعد بيان أحوال المنافقين واليهود ، أمر الله تعالى بالتقوى التي هي التزام المأمورات واجتناب المنهيات ، وأمر بالعمل في الدنيا للآخرة ، ورغب في الإعداد للجنة ، وحذر من عمل أهل النار ، ووصف أهل الجنة المستحقين لها بالفائزين ، وأهل النار بالفاسقين.
التفسير والبيان :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ ، وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ ، وَاتَّقُوا اللهَ ، إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أي يا أيها الذين صدقوا بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، افعلوا ما أمر الله به ، واتركوا ما زجر عنه ، واتقوا عقابه ، ولتتأمل نفس أي شيء قدّمت من الأعمال الصالحة ليوم القيامة ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، واتقوا الله ـ وكرر الأمر بالتقوى للتأكيد والحث على ما ينفع في الآخرة ـ فإن الله لا تخفى عليه من أعمالكم وأحوالكم خافية ، فهو مجازيكم بأعمالكم صغيرها وكبيرها ، قليلها وكثيرها.
ثم نهى الله تعالى عن التشبه بالذين أهملوا حقوق الله ، فقال :
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ ، فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ ، أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي واحذروا أن تكونوا كالذين تركوا أمر الله ، وأهملوا حقوق الله الواجبة على العباد ، ولم يخافوا ربهم ، فجعلهم ناسين أنفسهم بسبب نسيانهم لربهم ، فلم يعملوا الأعمال الصالحة التي تنفعهم في المعاد ، وتنجيهم من العذاب ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وأولئك التاركون حقوق الله هم الخارجون الكاملون في الخروج