عن طاعة الله ، الهالكون يوم القيامة ، الخاسرون يوم معادهم.
وذلك كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ، فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) [المنافقون ٦٣ / ٩].
ثم قارن الله تعالى بين المحسنين والمسيئين لبيان أنه لا استواء بين الفريقين ، فقال :
(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ ، أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) أي لا يستوي مستحقو النار ومستحقو الجنة في حكم الله تعالى في الفضل والرتبة يوم القيامة ، أصحاب الجنة هم الظافرون بكل مطلوب ، الناجون من كل مكروه.
ونظير الآية كثير في القرآن ، مثل قوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ، ساءَ ما يَحْكُمُونَ) [الجاثية ٤٥ / ٢١] وقوله سبحانه : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ، قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) [غافر ٤٠ / ٥٨]. وقوله عزوجل : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ ، أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) [ص ٣٨ / ٢٨].
وهذا ترغيب في العمل للجنة ، وترهيب من العمل للنار. ويلاحظ أن الآيات بدأت بالأمر بالتقوى ، ثم نهت عن نسيان حقوق الله ، ثم وازنت بين الطائعين والعصاة ، وكل ذلك لتأكيد الأمر بالتقوى وطاعة الله ، فبعد إرشاد المؤمنين إلى ما فيه مصلحتهم يوم القيامة : (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) وتهديد الكافرين بقوله : (كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ ، فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) أبان تعالى الفرق بين الفريقين.