وروى البخاري في تاريخه أنها ـ أي المجادلة ـ استوقفت عمر يوما فوقف ، فأغلظت له القول ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم ، فقال رضياللهعنه : وما يمنعني أن أستمع إليها ، وهي التي استمع الله لها ، فأنزل فيها ما أنزل : (قَدْ سَمِعَ اللهُ ..) الآيات.
التفسير والبيان :
(قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها ، وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ ، وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما ، إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) أي قد قبل الله شكوى المرأة التي تراجعك الكلام أيها النبي في شأن زوجها الذي ظاهر منها ، قائلا لها : «أنت علي كظهر أمي» أي في الحرمة ، وتشتكي إلى الله ما أغمها وأحزنها ، والله يسمع ما تتراجعان به من الكلام ، إن الله يسمع كل مسموع ، ويبصر كل مبصر على أتم وجه وأكمله ، ومن ذلك : محاورة هذه المرأة معك.
والمجادلة هنا : بمعنى التحاور ، وهي المراجعة في الكلام لتبين المخرج من الأزمة. والشكوى : أن تخبر عن مكروه أصابك. والسمع : صفة يدرك بها الأصوات ، غير صفة العلم. والمرأة : خولة بنت ثعلبة ، والزوج : أوس بن الصامت أحد الأنصار.
أخرج البخاري والنسائي وغيرهما كما تقدم عن عائشة رضياللهعنها قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت خولة بنت ثعلبة ، تشكو إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنا في كسر البيت ، يخفى علي بعض كلامها ، فأنزل الله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي ..) الآيات.
وقوله : (قَدْ) معناه التوقع ، كما تقدم ، لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمجادلة كانا يتوقعان أن يسمع الله مجادلتها وشكواها ، وينزل في ذلك ما يفرج عنها. وقوله : (سَمِعَ اللهُ) مجاز عن القبول والإجابة ، لعلاقة السببية.