٤ ـ علّم الله المؤمنين أيضا أن يقولوا ما كان يدعو به إبراهيم عليهالسلام ومن معه : (رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ، وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي تبرؤوا من الكفار وتوكلوا على الله ، وقولوا : اعتمدنا عليك يا رب ، ورجعنا إليك تائبين ، ولك الرجوع في الآخرة ، ولا تظهر أو لا تسلط عدونا علينا ، فيظنوا أنهم على حق ، فيفتتنوا بذلك ، واغفر لنا ما فرط من الذنوب ، فإنك القوي الغالب الذي لا يغالب ، الحكيم في تدبير خلقه وتحقيق مصالحهم.
٥ ـ أكد الله تعالى الحث على التأسي بإبراهيم ومن معه من الأنبياء والأولياء ، مرة أخرى في الآيات ، في التبرؤ من الكفار. ثم حذر من المخالفة ، وهدد المعرضين المستكبرين عن حكم الله ، فذكر أن من يتول عن الإسلام وقبول هذه المواعظ ، فإنه لن يضر إلا نفسه ، والله غني عن خلقه ، لم يتعبدهم لحاجته إليهم ، محمود في نفسه وصفاته ومن خلقه.
٦ ـ كان نزول هذه الآيات سببا في معاداة المسلمين أقرباءهم من المشركين ، ولما علم الله شدة وجد المسلمين وحرجهم في ذلك ، نزل قوله تعالى كما بينا : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) أي بأن يسلم الكافر ، وقد أسلم قوم منهم بعد فتح مكة ، وخالطهم المسلمون ، كأبي سفيان بن حرب ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وحكيم بن حزام. وتزوج النبي صلىاللهعليهوسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان التي كانت متزوجة بعبد الله بن جحش ، وكانت هي وزوجها من مهاجرة الحبشة ، إلا أن زوجها تنصر ، ومات على النصرانية ، وبقيت هي على دينها ، فبعث النبي صلىاللهعليهوسلم إلى النجاشي ، فخطبها ، وأمهرها النجاشي من عنده أربع مائة دينار. وفي الحديث : «أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون