فحزن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، واتصل الوحي بعدها (١).
المناسبة :
بعد الحث على الجهاد وتأنيب المتخلفين عنه ، التاركين للقتال ، ذكّر الله المؤمنين بقصة موسى عليهالسلام مع قومه حين دعاهم إلى قتال الجبارين بقوله : (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ...) [المائدة ٥ / ٢١] فخالفوه وعصوا أمره ، كيلا يفعلوا بنبيهم مثلما فعل به بنو إسرائيل. ثم ذكّرهم أيضا بقصة عيسى عليهالسلام مع بني إسرائيل أيضا حين جاءهم بالبينات والمعجزات وبشرهم بمجيء رسول من بعده اسمه أحمد ، فعصوه ولم يمتثلوا أمره. وقرنت القصتان هنا لأن كلّا من موسى وعيسى من أنبياء بني إسرائيل ، ولأن المخالفين هم أنفسهم.
ثم شنع على هؤلاء العصاة الذين لم يستجيبوا لدعوة النبي إلى الإسلام ، وإنما افتروا على الله الكذب بوصف المعجزات بأنها سحر ، ثم ذكر غرضهم من الافتراء وهو محاولة إبطال دين الله وإطفاء نوره وشرعه ، والحال أن الله متم نوره ، ومظهر دينه على الأديان كلها.
التفسير والبيان :
يحذر الله سبحانه أمة محمد صلىاللهعليهوسلم من مخالفة أمر نبيهم بأن يفعلوا مع نبيهم ما فعله قوم موسى وعيسى معهما ، فيقول :
ـ (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ : يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي ، وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) أي واذكر يا محمد لقومك خبر موسى بن عمران عليهالسلام حين قال لقومه بني إسرائيل : يا قوم لم تلحقون الأذى بي بمخالفة ما آمركم به من الشرائع التي افترضها الله عليكم ، أو لم تؤذونني بالشتم والانتقاص ، وأنتم تعلمون يقينا
__________________
(١) تفسير القرطبي ١٨ / ٨٥