صدقي فيما جئتكم به من الرسالة ، والرسول يحترم ويعظّم ، وقد شاهدتم معجزاتي التي توجب الاعتراف برسالتي.
وهذا تعليم للمؤمنين ونهي لهم من إيذاء نبيهم كما أوذي موسى عليهالسلام ، كما جاء في آية أخرى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى ، فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا ، وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) [الأحزاب ٣٣ / ٦٩] وفي هذا أيضا تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما أصابه من الكفار من قومه وغيرهم ، وأمر له بالصبر ، ولهذا قال : «رحمة الله على موسى : لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر».
(فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ ، وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) أي وإنهم لما تركوا الحق ولم يتبعوا نبيهم وآذوه ، أمال الله قلوبهم عن الهدى ، وصرفها عن الحق ، وأسكنها الشك والحيرة ، جزاء بما ارتكبوا ، كما قال تعالى : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ ، كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأنعام ٦ / ١١٠].
والله لا يوفق للحق ولا يرشد للهداية القوم الكافرين الذين كفروا بأنبيائهم ، وعصوا رسلهم ، وهؤلاء من جملتهم.
ـ (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ : يا بَنِي إِسْرائِيلَ ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ ، مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) أي واذكر يا محمد أيضا لقومك خبر عيسى إذ قال : يا بني إسرائيل ، إني رسول الله إليكم بالإنجيل ، لم آتكم بشيء يخالف التوراة ، وإنما أؤيدها وأكملها ، فكيف تعصونني وتنفرون عني وتخالفونني؟!
(وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) أي إن التوراة قد بشرت بي ، وأنا مصداق ما أخبرت عنه ، وأنا مبشر بمن بعدي ، وهو الرسول النبي الأمي العربي المكي أحمد : وهو الذي يحمد بما فيه من خصال الخير أكثر مما يحمد غيره.