١١ ـ يباح عقب الفراغ من الصلاة الانتشار في الأرض للتجارة والتصرف في الحوائج ، والابتغاء من رزق الله وفضله ، لقوله تعالى : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) كقوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) [المائدة ٥ / ٢]. وهذا أمر بعد الحظر ، فهو للإباحة ، فلا يطلب من الإنسان الخروج من المسجد بعد الصلاة لا وجوبا ولا ندبا.
١٢ ـ نبّه الله تعالى بقوله : (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) على ذكر الله بالطاعة واللسان ، وبالشكر على ما أنعم به على الإنسان من التوفيق لأداء الفرائض ، وفي وقت الاشتغال بالأعمال وعدم الاكتفاء بالذكر الذي حصل في صلاة الجمعة ، ليتحقق الفوز بخير الدارين. قال سعيد بن المسيب : الذكر طاعة الله تعالى ، فمن أطاع الله فقد ذكره ، ومن لم يطعه فليس بذاكر ، وإن كان كثير التسبيح.
١٣ ـ انفض الناس أثناء خطبة النبي صلىاللهعليهوسلم للتجارة أصالة ، وللهو والفرح بمجيء التجارة تبعا ، فعاد الضمير للتجارة في قوله : (إِلَيْها).
١٤ ـ استدل العلماء بقوله تعالى : (وَتَرَكُوكَ قائِماً) على مشروعية القيام أثناء الخطبة ، وهو أمر متفق عليه ، ثبت في السنة أن النبي صلىاللهعليهوسلم ما خطب إلا قائما ، وكذلك الخلفاء من بعده ، واستمر الأمر هكذا إلى زمن بني أمية حيث وجد منهم من استهان بأمر الخطبة ، فخطب جالسا ، وأول من خطب جالسا معاوية رضياللهعنه ، حينما كان عاجزا عن القيام.
والقيام في الخطبة سنة عند الحنفية ، فلو خطب الإمام قاعدا ، جاز ، لحصول المقصود ، إلا أنه يكره لمخالفته الموروث ، وهو واجب غير شرط عند المالكية ، فإن جلس أتم خطبته وصحت ، وشرط لا تصح إلا به عند الشافعية والحنابلة ، اتباعا للسنة. وهذه أحكام في الخطبة مأخوذة من السنة (١) :
__________________
(١) تفسير القرطبي ١٨ / ١١٤ ـ ١٢٠