وأخرج البخاري ومسلم ، والترمذي بمعناه في بيان سبب نزول هذه الآية : أن النبي صلىاللهعليهوسلم غزا بني المصطلق على ماء يقال له (المريسيع) من ناحية (قديد) إلى الساحل ، فازدحم أجير لعمر يقال له (جهجاه) مع حليف لعبد الله بن أبي يقال له (سنان) على ماء (بالمشلّل) فصرخ جهجاه بالمهاجرين ، وصرخ سنان بالأنصار ، فلطم جهجاه سنانا ، فقال عبد الله بن أبي : أو قد فعلوها! والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول : سمّن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ـ يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم ـ ثم قال لقومه : كفّوا طعامكم عن هذا الرجل ، ولا تنفقوا على من عنده حتى ينفضّوا ويتركوه ، فقال زيد بن أرقم ـ وهو من رهط عبد الله ـ : أنت والله الذليل المنتقص في قومك ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم في عز من الرحمن ، ومودّة من المسلمين ، والله لا أحبك بعد كلامك هذا أبدا ، فقال عبد الله : اسكت إنما كنت ألعب. فأخبر زيد النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله ، فأقسم بالله ما فعل ولا قال ، فعذره النبي صلىاللهعليهوسلم. قال زيد : فوجدت في نفسي ولامني الناس ، فنزلت سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبد الله. فقيل لعبد الله : قد نزلت فيك آيات شديدة ، فاذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليستغفر لك ، فألوى برأسه ، فنزلت الآيات.
نزول الآية (٦):
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ ..) : أخرج ابن جرير عن عروة قال : لما نزلت : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ، فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [التوبة ٩ / ٨٠] قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لأزيدن على السبعين» ، فأنزل الله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ..) الآية. وأخرج عن مجاهد وقتادة مثله. وأخرج عن ابن عباس قال : لما نزلت آية براءة قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «وأنا أسمع ، إني قد رخص لي فيهم ، فو الله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة ، لعل الله أن يغفر لهم» فنزلت.