التفسير والبيان :
ذكر الله تعالى أدلة كذب المنافقين وأسباب غضب الله عليهم ، فقال :
١ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ : تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ ، لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ ، وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) أي وإذا قيل للمنافقين بقيادة عبد الله بن أبي : أقبلوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يطلب لكم المغفرة من الله ، أعرضوا استكبارا واستهزاء بذلك ورغبة عن الاستغفار ، ورأيتهم يعرضون عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهم مستكبرون عن الإتيان إليه وطلب الاستغفار منه ، فهم أكبر من ذلك في زعمهم. والمشهور في السيرة أن ذلك كان في غزوة المريسيع ، وهي غزوة بني المصطلق ، وليس في غزوة تبوك كما ذكر بعضهم ، لأن عبد الله بن أبي لم يكن ممن خرج في غزوة تبوك ، بل رجل بطائفة من الجيش.
قال الكلبي : لما نزل القرآن على الرسول صلىاللهعليهوسلم بصفة المنافقين ، مشى إليه عشائرهم من المؤمنين ، وقالوا لهم : افتضحتم بالنفاق ، وأهلكتم أنفسكم فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتوبوا إليه من النفاق ، واسألوه أن يستغفر لكم ، فأبوا ذلك ، وزهدوا في الاستغفار ، فنزلت (١).
وقال ابن عباس : لما رجع عبد الله بن أبي من أحد بكثير من الناس ، مقته المسلمون ، وعنّفوه ، وأسمعوه المكروه ، فقال له بنو أبيه : لو أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى يستغفر لك ويرضى عنك ، فقال : لا أذهب إليه ، ولا أريد أن يستغفر لي ، وجعل يلوي رأسه ، فنزلت(٢).
وعند الأكثرين من المفسرين : إنما دعي إلى الاستغفار ، لأنه قال : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ) وقال : (لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ)
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣٠ / ١٥
(٢) المرجع السابق.