البلاغة :
(فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) بينهما طباق ، وكذا بين قوله : (يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ).
(لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) تقديم الجار والمجرور لإفادة الحصر والاختصاص من حيث الحقيقة ، أي له وحده الملك والحمد.
(وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) بينهما جناس ناقص ، لاختلاف الحركات والشكل.
(يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) بينهما طباق.
المفردات اللغوية :
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) ينزهه ويمجّده ويدل عليه جميع المخلوقات في السموات والأرض ، بدلالتها على كماله واستغنائه ، واللام زائدة ، وعبر ب (ما) دون (من) تغليبا للأكثر. (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي أن قدرته في إيجاد جميع المخلوقات على سواء.
(فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) قال الشوكاني : خلق الكافر ، وكفره فعل له وكسب ، وخلق المؤمن ، وإيمانه فعل له وكسب ، والكافر يكفر ويختار الكفر ، والمؤمن يؤمن ويختار الإيمان ، والكل بإذن الله ، وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) مبصر أعمالكم عالم بها ، فيعاملكم بما يناسب أعمالكم. (بِالْحَقِ) بالغرض الصحيح والحكمة البالغة ، وهو أن جعل الأرض مقر المكلفين ليعلموا فيجازيهم وسخر السموات لهم. (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) أي جعل أشكالكم الآدمية بأحسن صورة ، أي أتقنها وأحكمها ، وجعلكم أنموذج جميع المخلوقات كما قال تعالى : (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين ٩٥ / ٤] فالتصوير : تخطيط وتشكيل وتمييز وتخصيص. (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) إليه المرجع فأحسنوا السرائر والظواهر. (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) عليم بحديث النفس وخطرات القلب ، والسر ، فلا يخفى عليه شيء كليا أو جزئيا ، وعلمه بجميع الأشياء على سواء. قال البيضاوي : وتقديم تقرير القدرة : (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) على العلم : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) لأن دلالة المخلوقات على قدرته أولا وبالذات ، وعلى علمه بما فيها من الإتقان والاختصاص ببعض الأنحاء.
التفسير والبيان :
هذه السورة هي آخر المسبحات ، قال تعالى :
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلى