كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي ينزه الله عن كل نقص وعيب ، ويمجده ، ويدل عليه جميع مخلوقاته التي في سماواته وأرضه ، فهو بارئها ومالكها ، له الملك وحده دون غيره ، لأنه الخالق المصور المتصرف في جميع الكائنات ، وله الحمد والشكر وحده ، لأنه المستحق لذاك ، وهو المحمود على جميع ما يخلقه ويقدره ، فالملك والحمد يختصان به ، ليس لغيره منهما شيء ، وما كان لعباده منهما فهو من فيضه وراجع إليه ، وهو قادر على كل شيء ، لا يعجزه شيء في السموات والأرض ، فمهما أراد كان ، وما لم يشأ لم يكن.
والتسبيح إما باللسان والنطق كما يفعل الإنسان ، وإما بنطق وحال لا نفقهه ، كما قال تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء ١٧ / ٤٤].
ثم ذكر الله تعالى بعض آثار قدرته ، فقال :
١ ـ خلق الإنسان : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ ، فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ، وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أي إن الله هو الذي أوجدكم على هذه الصفة ، وآل أمركم أن يكون بعضكم كافرا باختياره وكسبه على خلاف مقتضى فطرت ، وبعضكم مؤمنا مختارا للإيمان على وفق الفطرة السوية القائمة على التوحيد والإيمان بالله ، والله العالم البصير قبل الخلق بما يؤول إليه أمر كل واحد منكم ، الشهيد على أعمال عباده ، وسيجزيهم بها أتم الجزاء.
ونظير الآية قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ ، فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) [الحديد ٥٧ / ٢٦].
أخرج أبو يعلى والطبراني والبيهقي عن الأسود بن سريع عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كل مولود يولد على الفطرة ، حتى يعرب عنه لسانه ، فأبواه يهوّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه».