٢ ـ خلق العالم كله بالحكمة البالغة : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ، وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ، وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي أوجد السموات والأرض بالعدل والحكمة البالغة المحققة لنفع العالم في الدين والدنيا ، وخلقكم أيها البشر في أكمل صورة ، وأحسن تقويم ، وأجمل شكل ، كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ، فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) [الانفطار ٨٢ / ٦ ـ ٨] وقال سبحانه : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً ، وَالسَّماءَ بِناءً ، وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ، وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) [غافر ٤٠ / ٦٤] وقال عزوجل : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين ٩٥ / ٤].
وإليه في عالم الآخرة المرجع والمآب ، فيجازي كل نفس بما كسبت.
٣ ـ العلم الشامل : (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ ، وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي يعلم الله جميع ما في السموات والأرض ، فلا تخفى عليه من ذلك خافية ، ويعلم ما تخفونه وما تظهرونه ، والله محيط علمه بما يضمره كل إنسان في نفسه من الأسرار والمعتقدات.
ويلاحظ أنه تعالى عطف الخاص على العام في قوله : (وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) ثم عطف ما هو أخص من الخاص وهو حديث النفس الذي لا يعبر عنه الإنسان بكلام أو إشارة أو بيان ما.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ ينزه الله ويمجده جميع مخلوقاته في السموات والأرض لدلالتها على كماله واستغنائه ، وهو تنزيه وتسبيح دائم متجدد شامل كل جزء من أجزاء العالم. وهذا بخلاف قوله تعالى في موضع آخر : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي