التفسير والبيان :
(ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أي إن كل ما يصيب الإنسان من خير أو شر ، فهو بقضاء الله وقدره. قيل : إن سبب نزولها أن الكفار قالوا : لو كان ما عليه المسلمون حقا ، لصانهم الله عن المصائب في الدنيا.
فما على الإنسان إلا السعي والعمل لجلب الخير ودفع الضر عن نفسه ، ثم التوكل على الله بعدئذ ، فإن تحقيق النتائج يكون بقضاء الله وقدره. ونظير الآية قوله تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها ، إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) [الحديد ٥٧ / ٢٢].
(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ، وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي ومن يصدق بالله ، ويعلم أن ما أصابه من مصيبة هو بقضاء الله وقدره ، فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله ، يهد قلبه ويشرح صدره عند المصيبة ، والله واسع العلم لا تخفى عليه من ذلك خافية ، فهو عليم بالقلوب وأحوالها.
قال ابن عباس : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) يعني يهد قلبه لليقين ، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
وفي الحديث المتفق عليه : «عجبا للمؤمن ، لا يقضي الله قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له ، وإن أصابته سرّاء شكر ، فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن».
ثم أمر الله بطاعته : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي واشتغلوا بطاعة الله فيما شرع وطاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم فيما بلّغ ، وافعلوا ما به أمر ، واتركوا ما عنه نهى وزجر ، فإن أعرضتم عن الطاعة ونكلتم عن العمل ، فإثمكم على أنفسكم ، وليس على الرسول صلىاللهعليهوسلم من بأس ، إذ