وردّ الجصاص على حديث فاطمة بنت قيس بقوله : وهذا حديث قد ظهر من السلف النكير على راويه ، ومن شرط قبول أخبار الآحاد تعريها من نكير السلف ، أنكره عمر بن الخطاب على فاطمة بنت قيس ، فقال : لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة ، لا ندري لعلها حفظت أو نسيت ، لها السكنى والنفقة ، قال الله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ، وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) (١).
ثم جمع بين هذا الحديث ـ على فرض صحته ـ وبين الآية ، فقال : وللحديث عندنا وجه صحيح يستقيم على مذهبنا فيما روته من نفي السكنى والنفقة ، وذلك لأنه قد روي أنها استطالت بلسانها على أحمائها ، فأمرها بالانتقال ، فلما كان سبب النقلة من جهتها ، كانت بمنزلة الناشزة ، فسقطت نفقتها وسكناها جميعا ، فكانت العلة الموجبة لإسقاط النفقة هي الموجبة لإسقاط السكنى (٢).
٢ ـ تحريم مضارة المرأة المطلقة في المسكن والنفقة ، كما تحرم الرجعة والطلاق بقصد الضرار ، وهو أن يطلقها ، فإذا بقي يومان من عدتها راجعها ثم طلقها.
٣ ـ لا خلاف بين العلماء في وجوب النفقة والسكنى للحامل المطلقة ثلاثا ، أو أقل منهن حتى تضع حملها.
أما الحامل المتوفى عنها زوجها : فقال جماعة من الصحابة كعلي وابن عمر وابن مسعود والتابعين كالنخعي والشعبي وحماد : ينفق عليها من جميع المال أي من التركة حتى تضع. وقال ابن عباس وابن الزبير ومالك والشافعي وأبو حنيفة : لا ينفق عليها إلا من نصيبها ، روى الدار قطني بإسناد صحيح
__________________
(١) أحكام القرآن ٣ / ٤٦١
(٢) المرجع السابق ٣ / ٤٦٢