النساء ، فإنكم أخذتموهن بسنة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» ففي الحديثين إحالة على الكفاية ، ولم يقل عليه الصلاة والسلام للأم في حديث هند : لا اعتبار بكفايتك ، وأن الواجب لك شيء مقدر.
٩ ـ آية (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) أصل في وجوب النفقة للولد على الوالد ، دون الأمّ ، خلافا لمحمد بن الموّاز يقول : إنها على الأبوين على قدر الميراث. وفي البخاري عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «تقول لك المرأة : أنفق علي وإلا فطلّقني ، ويقول لك العبد : أنفق علي واستعملني ، ويقول لك ولدك : أنفق عليّ ، إلى من تكلني».
١٠ ـ قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) دليل على أنه لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني ، وعلى أنه لا فسخ بالعجز عن الإنفاق على الزوجة ، لأنه تضمن عدم التكليف بالإنفاق في حال العجز ، فلا يجوز إجباره على الطلاق من أجل النفقة ، لأن فيه إيجاب التفريق لشيء لم يجب عليه.
وكذلك قوله تعالى : (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) يدل على أنه لا يفرق بين الزوجين من أجل عجزه عن النفقة ، لأن العسر يرجى له اليسر ، وسيجعل الله بعد الضيق غنى ، وبعد الشدّة سعة ، كما قال تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ ، فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) [البقرة ٢ / ٢٨٠]. وهذا مذهب الحنفية ورواية عن أحمد.
والقول بالفسخ للإعسار بالنفقة مذهب مالك وأظهر قولي الشافعي ورواية أخرى عن أحمد ، بدليل خبر الدار قطني والبيهقي في الرجل لا يجد شيئا ينفق على امرأته : يفرّق بينهما. ولأنه شرع الفسخ بالعنّة لإزالة الضرر ، والضرر الذي يلحق المرأة بعدم النفقة أشد من ضررها بالعنة ، فكان الفسخ بالعجز عن النفقة أولى من الفسخ بالعنة.