وأخرج أيضا عن أنس عن عمر قال : بلغني عن بعض أمهاتنا أمهات المؤمنين شدة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأذاهنّ إياه ، فاستقريتهنّ امرأة امرأة أعظها ، وأنهاها عن أذى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأقول : إن أبيتنّ أبدله الله خيرا منكنّ ، حتى أتيت على زينب ، فقالت : يا ابن الخطاب ، أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت ، فأمسكت ، فأنزل الله : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) الآية.
التفسير والبيان :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ ، تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي يا أيها الرسول النبي ، لماذا تمنع نفسك من بعض ما أباح الله لك ، قاصدا إرضاء أزواجك ، والله غفور لما فرط منك من تحريم ما أحل الله لك ، وما تقدم من الزلّة ، رحيم بك ، فلا يعاقبك على ذنب تبت منه ، ولم يؤاخذك به.
وهذا عتاب بطريق التلطف ، مثل قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) [التوبة ١٠ / ٤٣] ، وسمي الامتناع عن الحلال ذنبا ، وهو مباح لغيره ، تعظيما لقدره الشريف ، وإشارة إلى أن ترك الأولى بالنسبة إليه كالذنب ، وإن لم يكن ذنبا في الواقع. والمراد بالتحريم : الامتناع من تناول العسل أو الاستمتاع ببعض الزوجات ، وليس المراد اعتقاد كونه حراما بعد ما أحله الله ، لأن تحريم الحلال كفر. قال القرطبي : والصحيح أنه معاتبة على ترك الأولى ، وأنه لم تكن له صغيرة ولا كبيرة.
وتحريم الحلال يراه أبو حنيفة يمينا في كل شيء ، حسبما ينوي ، فإذا حرّم طعاما فقد حلف على أكله ، وإذا حرّم ملبسا أو شرابا أو شيئا مباحا ، فهو بمنزلة اليمين ، وإذا حرم امرأة فقد حلف يمين الإيلاء منها إذا لم يكن له نية ، وإن نوى