ثم وجّه الله تعالى زوجتي النبي صلىاللهعليهوسلم : حفصة وعائشة إلى التوبة وعاتبهما قائلا :
(إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ ، فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) أي إن تتوبا إلى الله ، فتكتما السر ، وتحبّا ما أحبه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتكرها ما كرهه ، قبلت توبتكما من الذنب وكان خيرا لكما ، فقد عدلت قلوبكما ومالت عن الحق والخير ، وهو حق تعظيم الرسول صلىاللهعليهوسلم وصون سره وتكريمه.
والخطاب لحفصة وعائشة ، لما أخرج أحمد في مسنده عن ابن عباس أنه قال : لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم اللتين قال الله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) حتى حج عمر وحججت معه ، فلما كان ببعض الطريق ، عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرّز ، ثم أتاني ، فسكبت على يديه ، فتوضأ ، فقلت : يا أمير المؤمنين : من المرأتان من أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم اللتان قال الله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ ، فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما)؟ فقال عمر : وا عجبا لك يا ابن عباس ، هما عائشة وحفصة.
(وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ ، فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ ، وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) أي وإن تتعاضدا وتتعاونا على ما يسوؤه ويؤذيه بسبب الغيرة والرغبة في إفشاء سره ، فإن الله يتولى نصره ، وكذلك جبريل وصالح المؤمنين كأبي بكر وعمر ، والملائكة بعد نصر الله له ونصر جبريل والمؤمنين الصالحين أعوان له وحراس وحفظة. وقوله : (بَعْدَ ذلِكَ) تعظيم للملائكة ومظاهرتهم.
ولم نر مثل هذا العون والعصمة والتأييد الرباني لأحد من الأنبياء والرسل وسائر البشر ، للمبالغة في تعظيم شأن النبي صلىاللهعليهوسلم ، والتخلص من مكر النساء ، وتبديد أوهام المشركين والمنافقين من محاولات الكيد والأذى وإلحاق الضرر.