المفردات اللغوية :
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) أي أورد حالة غريبة لمعرفة حال أخرى مشابهة لها في الغرابة. (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ) أي في عصمتهما. (فَخانَتاهُما) بالنفاق في أمر الدين ، إذ كفرتا ، وكانت امرأة نوح واسمها واغلة أو واعلة تقول لقومه : إنه مجنون ، وامرأة لوط واسمها أو واهلة تدل قومه على أضيافه ، بإيقاد النار ليلا ، وبالتدخين نهارا. (فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما) لم يفيداهما أي نوح ولوط. (مِنَ اللهِ) من عذابه. (ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) أي قيل لهما : ادخلا النار مع كفار قوم نوح وقوم لوط. وهذا تمثيل حالهم في إيقاع العقاب بهم بكفرهم دون مجاملة أو محاباة للنبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين بنسب أو غيره.
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا) شبه حالهم في عدم التأثر ببيئة الكفر وعمالقة الكافرين وأن صلة الكفر لم تضرهم بحال آسية امرأة فرعون ، واسمها آسية بنت مزاحم ، وهي عمة موسى آمنت به ، فعذبها فرعون عذابا شديدا لصدها عن الإيمان. (إِذْ قالَتْ) في حال التعذيب : (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) قريبا من رحمتك أو في أعلى درجات المقربين. (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) خلصني من طغيان فرعون وتعذيبه وعمله الشنيع. (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) هم أقباط مصر الوثنيون التابعون لفرعون في الظلم.
(أَحْصَنَتْ فَرْجَها) حفظته وصانته من الرجال ، والمراد به كونها عفيفة. (فَنَفَخْنا فِيهِ) في الفرج. (مِنْ رُوحِنا) أي من روح خلقناه بلا توسط أب ، قال الزمخشري : ومن بدع التفاسير : أن الفرج جيب الدّرع (القميص). ومعنى (أحصنته) منعته جبريل ، وأنه جمع في التمثيل بين التي لها زوج والتي لا زوج لها ، تسلية للأرامل وتطييبا لأنفسهن. (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ) آمنت بشرائعه وكتبه التي أنزلها على رسله. (مِنَ الْقانِتِينَ) من عداد الطائعين المواظبين على الطاعة.
المناسبة :
بعد الحض على التوبة النصوح والإيمان والإخلاص وجهاد الأعداء ، ضرب الله مثلين رائعين فذّين لأهل الكفر وأهل الإيمان ، لبيان حال الكافرين بطريق التمثيل أنهم يعاقبون على كفرهم وعداوتهم للمؤمنين معاقبة أمثالهم من غير مراعاة نسب أو زوجية أو قرابة أو محاباة ، فتعاقب امرأة نوح وامرأة لوط اللتان كانتا في بيت النبوة ، ولكنهما كفرتا بالله وبالنبي ، فلم تفدهما الرابطة الزوجية من عذاب الله شيئا.