وجاء المثل الثاني الأروع للمؤمنين والمؤمنات للإشارة إلى أن من واجبهم أن يكونوا في الإخلاص وصدق العزيمة وقوة اليقين كهاتين المؤمنتين : آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران ، لا الكافرتين اللتين حين خانتا زوجيهما ، لم يغنيا عنهما من عذاب الله شيئا.
التفسير والبيان :
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ، كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ ، فَخانَتاهُما ، فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً ، وَقِيلَ : ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) أي جعل الله مثلا لحال الكفار في مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم أنه لا يغني أحد عن أحد ، وأن ذلك لا يجدي عنهم شيئا ، ولا ينفعهم عند الله إن لم يكن الإيمان حاصلا في قلوبهم ، فمجرد الخلطة أو النسب أو الزوجية لا فائدة فيها ما دام الشخص كافرا.
وذلك المثل أن امرأة نوح وامرأة لوط عليهماالسلام ، كانتا في عصمة نكاح نبيين رسولين ، وفي صحبتهما ليلا ونهارا ، يؤاكلانهما ويعاشرانهما أشد العشرة والاختلاط ، لكنهما خانتاهما في الإيمان والدين ، فلم تؤمنا بهما ، ولا صدّقاهما في الرسالة ، فلم ينفعهما نوح ولوط بسبب كونهما زوجتين لهما شيئا من النفع ، ولا دفعا عنهما من عذاب الله ، ولا دفعا عنهما محذورا ، مع كرامتهما على الله ، وحاق بهما سوء العذاب والعقاب.
قيل : كانت امرأة نوح تقول للناس : إنه مجنون ، وكانت امرأة لوط تخبر قومه بأضيافه ليفجروا بهم.
وقيل للمرأتين في الآخرة عند دخول النار : ادخلا النار مع الداخلين فيها من أهل الكفر والمعاصي ، جزاء كفرهما وسيئاتهما.