رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان إذا جاء لا يقومون له ، لما يعلمون من كراهته لذلك (١).
(وَإِذا قِيلَ : انْشُزُوا فَانْشُزُوا) أي إذا طلب من بعض الجالسين في المجلس أن ينهضوا من أماكنهم ، ليجلس فيها أهل الفضل في الدين ، وأهل العلم بشرع الله ، فليقوموا.
وهذا يشمل أيضا ما إذا قال صاحب مجلس لمن في مجلسه : قوموا ، ينبغي أن يجاب.
وبعد أن نهى الله تعالى المؤمنين عن بعض الأشياء ، ثم أمرهم ثانيا ببعض الأشياء ، وعدهم على الطاعات ، فقال :
(يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ، وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ، وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي يرفع الله منازل المؤمنين في الدنيا والآخرة بتوفير نصيبهم فيها ، ويرفع أيضا بصفة خاصة منازل العلماء درجات عالية في الكرامة في الدنيا ، والثواب في الآخرة ، فمن جمع الإيمان والعلم ، رفعه الله بإيمانه درجات ، ثم رفعه بعلمه درجات ، ومن جملة ذلك رفعه في المجالس ، والله خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه ، مطّلع على أحوال ونوايا جميع عباده ، ومجازيهم على أعمالهم جميعا ، خيرا أو شرا.
روى الإمام أحمد ومسلم عن أبي الطفيل عامر بن واثلة : أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب بعسفان ، وكان عمر استعمله على مكة ، فقال له عمر : من استخلفت على أهل الوادي؟ قال : استخلفت عليهم ابن أبزى ، رجل من موالينا ، فقال عمر : استخلفت عليهم مولى؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه قارئ لكتاب الله ، عالم بالفرائض ، قاض ، فقال عمر رضياللهعنه : أما إن نبيكم صلىاللهعليهوسلم قد قال : «إن الله يرفع بهذا الكتاب قوما ، ويضع به آخرين».
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ٣٢٥