المناسبة :
بعد بيان أدب الإسلام في المناجاة والمجالسة ، أمر الله تعالى المؤمنين بتقديم صدقة قبل مناجاة النبي صلىاللهعليهوسلم ، لأنهم كانوا يتنافسون في القرب من مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسماع أحاديثه ، وكانوا يكثرون من هذه المناجاة ، فكان ذلك يشق على الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وقد يستثقله الحاضرون ، فأراد الله أن يحد من هذه المناجاة ، ويخفف عن نبيه ، فأمر بتقديم الصدقة قبل المناجاة ، تعظيما للنبي صلىاللهعليهوسلم وإعظام مناجاته ، ولنفع الفقراء بتلك الصدقات المقدمة قبل المناجاة ، ولتمييز المنافقين الذين يحبون المال عن المؤمنين المخلصين. قال ابن عباس : إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى شقوا عليه ، وأراد الله أن يخفف عن نبيه ، فلما نزلت هذه الآية ، شحّ كثير من الناس ، فكفّوا عن المسألة.
التفسير والبيان :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ ، فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) أي يا أيها الذين أقروا بوجود الله ووحدانيته وصدقوا رسوله صلىاللهعليهوسلم ، إذا أردتم مناجاة النبي صلىاللهعليهوسلم أو مساررته في أمر من أموركم ، فقدموا قبل المناجاة صدقة ، تصدقوا بها ، لتعظيم النبي صلىاللهعليهوسلم ، والتخفيف عنه ، ونفع الفقراء ، وتمييز المؤمن الحق والمنافق.
ثم أبان الله تعالى حكمة الصدقة ، فقال :
(ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي إن تقديم الصدقة قبل النجوى خير لكم ، لما فيه من طاعة الله وامتثال أمره ، والثواب الأخروي ، وأزكى لنفوسكم بتطهيرها من الشح والبخل وحب المال ، ونفع الفقراء ، وتضامن الأمة ، وإعزاز شأنها ورفعة قدرها ، فإن لم يجد أحدكم تلك