٦ ـ استدل العلماء بالآية : (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ ..) إلخ على جواز هدم ديار الكفار الأعداء ، وقطع أشجارهم ، وإحراق زروعهم في أثناء الحرب ، للضرورة الحربية ، فلا بأس من الهدم والحرق والتغريق والرمي بالمجانيق ، وقطع الأشجار ، مثمرة كانت أو غير مثمرة. ثبت في صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قطع نخل بني النضير وحرّق. وهذا هو الرأي الصحيح ، ويرى الشافعية أنه إن علم المسلمون أن ذلك لهم لم يفعلوا ، وإن ييأسوا فعلوا.
٧ ـ قال الكيا الطبري : ومصالحة أهل الحرب على الجلاء من ديارهم من غير شيء لا يجوز الآن ، وإنما كان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ ، والآن فلا بد من قتالهم أو سبيهم أو ضرب الجزية عليهم. وهذا محل نظر في تقديري.
٨ ـ كان قضاء الله تعالى بجلاء يهود بني النضير من المدينة وخيبر رحمة بهم ، ولولا ذلك لعذبهم الله في الدنيا بالقتل والسّبي ، كما فعل ببني قريظة. والجلاء : مفارقة الوطن ، والفرق بين الجلاء والإخراج وإن كان معناهما لغة واحدا من وجهين كما ذكر القرطبي :
أحدهما ـ أن الجلاء : ما كان مع الأهل والولد ، والإخراج قد يكون مع بقاء الأهل والولد.
الثاني ـ أن الجلاء لا يكون إلا لجماعة ، والإخراج يكون لواحد ولجماعة.
٩ ـ إن سبب ذلك التخريب والجلاء هو مشاقة الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، أي معاداة الله تعالى والرسول صلىاللهعليهوسلم ، ومخالفة أمر الله ، ثم عمم الله الإنذار ، فقال بقصد الزجر : (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ ، فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
١٠ ـ كان خروج النبي صلىاللهعليهوسلم إلى يهود بني النضير في ربيع الأوّل أوّل السنة الرابعة من الهجرة ، وتحصنوا منه بالحصون ، وأمر بقطع النخل وإحراقها ، وحينئذ نزل تحريم الخمر. ودسّ عبد الله بن أبيّ بن سلول ومن معه من المنافقين