مصلحة ، من قسمته كالغنائم أو ترك قسمته وجعله لمصالح المسلمين العامة ، كما فعل عمر بن الخطاب في سواد العراق ومصر وغيرهما ، واحتج على الزبير وبلال وسلمان الفارسي وغيرهم الذين طالبوا بالقسمة بهذه الآية آية الفيء : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ ...) إلى قوله : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) وشاور عليا وجماعة من الصحابة في ذلك ، فأشاروا عليه بترك القسمة وأن يقر أهلها (أهل أراضي العراق) ويضع عليها الخراج ، ففعل ذلك ، ووافقته الجماعة عند احتجاجه بالآية (١). وتكون آية الحشر في رأي المالكية ناسخة في شأن العقارات لآية الأنفال : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ...). وذكروا أنه يقسم كل مال في البلد الذي جبي فيه ، ولا ينقل عن ذلك البلد الذي جبي فيه حتى يغنوا ، ثم ينقل إلى الأقرب من غيرهم ، إلا أن ينزل بغير البلد الذي جبي فيه فاقة شديدة ، فينقل إلى أهل الفاقة حيث كانوا ، كما فعل عمر رضياللهعنه عام الرمادة.
وقال الحنفية : تقسم الغنائم ـ أي المنقولات ـ على النحو الذي ذكره الله في قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ...) الخمس لمن ذكرت الآية ، والباقي للغانمين ، وأما حكم الفيء أي الأرض فهو أن يكون لكافة المسلمين ، ولا يخمس ، بل يصرف جميعه في مصالح المسلمين. لكن الغنيمة تقسم على ثلاثة أسهم فقط : سهم اليتامى ، وسهم المساكين ، وسهم أبناء السبيل. وأما ذكر الله تعالى ، في الخمس فهو لافتتاح الكلام ، تبركا باسمه تعالى ، وسهم النبي صلىاللهعليهوسلم سقط بموته ، فالحنفية والمالكية يتركون الخيار للإمام في قسمة العقار ، فهو مخير في قسمته أو جعله وقفا على مصالح المسلمين.
وتكون آية الحشر الثانية : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) بيانا لما أفاء الله على المسلمين من أموال سائر الكفار. روى مالك أن عمر قال : لولا من يأتي من آخر الناس ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خيبر.
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص : ٣ / ٤٣٠