للمهاجرين دونهم ، ووصفهم أيضا بأوصاف ستة : أولها ـ أنهم استوطنوا المدينة قبل وصول المهاجرين إليها ، واعتقدوا الإيمان وأخلصوه ، وثانيها ـ محبتهم الخالصة للمهاجرين ، وثالثها ـ لا يحملون في نفوسهم حقدا ولا حسدا ولا حزازة بسبب ما أعطي المهاجرون من الفيء وغيره ، ورابعها ـ إيثارهم غيرهم ولو كان بهم حاجة ، وخامسها ـ وقاهم الله من مرض الشح ، وسادسها ـ هم المفلحون الفائزون الظافرون بما أرادوا.
١٠ ـ استدل الإمام مالك على تفضيل المدينة على غيرها من الآفاق بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) الآية. وقال : إن المدينة تبوئت بالإيمان والهجرة ، وإن غيرها من القرى افتتحت بالسيف.
١١ ـ الأولى أن يقال : إن الآيات متعلقة ببعضها ، معطوف بعضها على بعض ، فتكون آية : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا) معطوفة على قوله : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) وآية : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) أي التابعون ومن دخل في الإسلام إلى يوم القيامة. قال ابن أبي ليلى : الناس على ثلاثة منازل : المهاجرون ، والذين تبوؤا الدار والإيمان ، والذين جاؤوا من بعدهم ، فاجهد ألا تخرج من هذه المنازل.
١٢ ـ آية : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) دليل على وجوب محبة الصحابة ، لأنه تعالى جعل لمن بعدهم حظا في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم ، وأن من سبّهم أو سب واحدا منهم ، أو اعتقد فيه شرا ، فإنه لا حق له في الفيء.
١٣ ـ آيات الحشر هذه في الفيء تدل على أن الصحيح من أقوال العلماء قسمة المنقول ، وإبقاء العقار والأرض حقا عاما للمسلمين جميعا أو وقفا دائما على