مصالحهم ، كما فعل عمر رضياللهعنه في سواد العراق ومصر والشام وغيرها من البلاد المفتوحة عنوة ، لأن الله تعالى أخبر عن الفيء ، وجعله لثلاث طوائف : المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ، فقوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ ...) عامة في جميع التابعين والآتين بعدهم إلى يوم الدين. جاء في الحديث الصحيح عند مسلم وغيره : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم خرج إلى المقبرة ، فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم حقون ، وددت أن رأيت إخواننا ، قالوا : يا رسول الله ، ألسنا بإخوانك؟ فقال : بل أنتم أصحابي ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد ، وأنا فرطهم على الحوض» أي متقدمهم حتى يردوا ، فبين صلىاللهعليهوسلم أن إخوانهم كل من يأتي بعدهم.
١٤ ـ دل قوله تعالى : (يَقُولُونَ : رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) على أن المؤمنين المتأخرين مع مرور الأجيال مأمورون أن يستغفروا للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. قال العوام بن حوشب : أدركت صدر هذه الأمة يقولون : اذكروا محاسن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى تألف عليهم القلوب ، ولا تذكروا ما شجر بينهم ، فتجسّروا الناس عليهم.
أما من يلعن أو يسب بعض الصحابة فهو فاسق ، بعيد عن أدب الإسلام وأخلاقه ، وروح الدين وصفائه ، متنكر لأهل الفضل والسبق ، مبتدع ضال ، فإن القرآن الكريم أمر بالاستغفار للصحابة ، ونهى عن الحقد والحسد لجميع المؤمنين والمؤمنات. وإذا بلغ القدح ببعض الأصحاب أو أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ما يصادم نصا قرآنيا أو حديثا ثابتا مقطوعا به ، أدى ذلك إلى الكفر ، والعياذ بالله تعالى.