المقدّمة الخامسة
في نبذ ممّا جاء في المنع من تفسير القرآن بالرأي والسرّ فيه.
روي عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال : من فسر القرآن برأيه فأصاب الحق أخطأ.
وعنه عليه السلام : من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.
وعنه وعن الأئمة القائمين مقامه عليهم السلام : أن تفسير القرآن لا يجوز إلا بالأثر الصحيح والنصّ الصريح.
وفي تفسير العيّاشيّ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من فسر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر وإن أخطأ فهو بعد من السماء.
وفيه وفي الكافي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال : ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلّا كفر.
أقول : لعلّ المراد بضرب بعضه ببعض متشابهاته إلى بعض بمقتضى الهوى من دون سماع من أهله أو نور وهدى من الله ، ولا يخفى أن هذه الأخبار تناقض بظواهرها ما مضى في المقدّمة الأولى من الأمر بالاعتصام بحبل القرآن والتماس غرائبه وطلب عجائبه والتعمق في بطونه والتفكر في تخومه وجولان البصر فيه وتبليغ النظر إلى معانيه فلا بدّ من التوفيق والجمع.
فنقول : وبالله التوفيق إن من زعم أن لا معنى للقرآن الا ما يترجمه ظاهر التفسير فهو مخبر عن حدّ نفسه وهو مصيب في الأخبار عن نفسه ولكنه مخطئ في الحكم برد الخلق كافة إلى درجته التي هي حده ومقامه بل القرآن والأخبار