المقدّمة العاشرة
في نبذ ممّا جاء في تمثل القرآن لأهله يوم القيامة وشفاعته لهم
وثواب حفظه وتلاوته
روى في الكافي بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : يجيء القرآن في أحسن منظور إليه صورة فيمر بالمسلمين (١) فيقولون هذا رجل منا فيجاوزهم إلى النبيين فيقولون هو منا فيجاوزهم إلى الملائكة المقربين فيقولون هو منا حتّى ينتهي إلى ربّ العزة جل وعزّ فيقول : يا ربّ فلان بن فلان أضمأت هواجره وأسهرت ليله في دار الدنيا وفلان بن فلان لم أظمئ هواجره ولم أسهر ليله. فيقول تعالى : أدخلهم الجنة على منازلهم فيقوم فيتبعونه فيقول للمؤمن اقرأ وارق قال : فيقرأ ويرقى حتّى يبلغ كل رجل منهم منزلته التي هي له فينزلها. وبإسناده عن يونس ابن عمّار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : ان الدواوين يوم القيامة ثلاثة ديوان فيه النعم وديوان فيه الحسنات وديوان فيه السيئات فيقابل ديوان النعم وديوان الحسنات فيستغرق النعم عامة الحسنات ويبقى ديوان السيئات فيدعى بابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن أمامه في أحسن صورة فيقول يا ربّ أنا القرآن وهذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي ويطيل ليله بترتيلي وتفيض عيناه إذا تهجد فأرضه كما أرضاني. قال : فيقول العزيز الجبار عبدي أبسط يمينك فيملأها من رضوان الله
__________________
(١) لما كان المؤمن في نيته أن يعبد الله حقّ عبادته ويتلو كتابه حقّ تلاوته ويسهر ليله بقراءته والتدبر في آياته وينصب بدنه بالقيام به في صلواته إلّا أنّه لا يتيسر له ذلك كما يريد ولا يأتي به كما ينبغي.
وبالجملة لا يوافق عمله بما في نيته بل أنزل منه كما ورد في الحديث : نية المؤمن خير من عمله. فالقرآن يتجلى لكل طائفة بصورة من جنسهم الا أنّه أحسن في الجمال والبهاء ومن الصورة التي لو كانوا يأتون بما في نيّتهم من العمل وزيادة الاجتهاد في الإتيان بمقتضاه لكان لهم تلك الصورة وإنّما لا يعرفونه كما ينبغي لأنّهم لم يأتوا بذلك كما ينبغي ولم يعملوا بما هو به حري وإنّما يعرفونه بكونه منهم لأنّهم كانوا يتلونه في آناء الليل وأطراف النهار ويقرءونه في الإعلان الإسرار وإنّما يشفع لمن عمل به وإن كان مقصراً لما كان في نيته من العمل بمقتضاه كما ينبغي. منه رحمه الله تعالى.